الدبيبة منارة الحضارة
زائرنا الكريم نرحب بك ونتمنا انضمامك الينا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الدبيبة منارة الحضارة
زائرنا الكريم نرحب بك ونتمنا انضمامك الينا
الدبيبة منارة الحضارة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إن ذلك لمن عزم الأمور

اذهب الى الأسفل

إن ذلك لمن عزم الأمور  Empty إن ذلك لمن عزم الأمور

مُساهمة من طرف وسام الطيب السبت ديسمبر 31, 2011 8:53 am

حولك أعداء كثيرون من شياطين الإنس والجن, والنفس الأمارة بالسوء, وهؤلاء الأعداء يحسنون القبيح , ويقبحون الحسن ، ويدعون الإنسان إلى الشهوات , ويقودونه إلى مهاوي الردى, لينحدر في موبقات الذنوب والمعاصي .

ومع وقوع المعصية من ابن آدم فقد يصاحبه ضيق وحرج , وشعور بالذنب والخطيئة, فيوشك أن تنغلق أمامه أبواب الأمل, ويدخل في دائرة اليأس من روح الله, والقنوط من رحمة الله, ولكن الله العليم الحكيم , الرؤوف الرحيم ، الذي يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير, فتح لعباده أبواب العفو والمغفرة , وجعل فيها ملاذاً مكيناً, وملجأ حصيناً، يَلِجُه المذنب معترفاً بذنبه, مؤملاً في ربه, نادماً على فعله, غير مصرٍ على خطيئته، فيكفر الله عنه سيئاته, ويرفع من درجاته .

وكما أن العفو والصفح والمسامحة فى بني أدم مرتقى عال لا يستطيع بلوغه إلا الذين انفتحت مغاليق قلوبهم لهدي الإسلام، وتفاعلت نفوسهم بأخلاقه السمحة، فآثروا ما عند الله من مغفرة وثواب وتكريم على ما هجست به النفوس من حب الانتصار والانتقام والانتصاف.

ولقد سلك القرآن الكريم أبرع أسلوب في دفع النفس الإنسانية إلى ذلك المرتقى العالي الصعب، إذ قرر أن الذي أصابه البغي له أن ينتصر لنفسه ويرد عنها البغي والعدوان؛ ذلك أن جزاء السيئة سيئة مثلها، ولكنه لم يدع الإنسان الذي أصابه الحيف والبغي من أخيه لعاطفة التشفي والانتصار والانتقام، بل أخذ بيده برفق إلى مرتقى الصبر والغفران والتسامح، وأكد له أن بلوغ ذلك المرتقى من عزم الأمور ولكن بعد ثبوت الحق لصاحبه

{والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون، وجزاؤا سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين، ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل، إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم، ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور} (الشورى: 40-44).

وهناك صوركثيرة من العفو يأتي في مقدمها موقف الرسول صلى الله عليه وسلم عندما فتح مكة وجمع أهلها ثم قال: <ما تظنون أني فاعل بكم>؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم فقال صلى الله عليه وسلم: <اذهبوا فأنتم الطلقاء>·

وحينما اجتاحت موجة الحزن نفس أبي بكر لما سمع من حديث الإفك، تلوكه بعض الألسنة الآثمة، فتنال من ابنته السيدة عائشة أم المؤمنين، آلى على نفسه أن يقطع عونه عن أولئك الجاحدين للفضل ممن خاضوا في هذا الحديث الآثم، وقد سجَّل القرآن الكريم هذا الموقف في سورة النور: (ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم) النور:22·

ولقد همَّ أبوبكر رضي الله عنه أن يتخذ موقفاً فلما دُعي إلى العفو، سارع رضي الله عنه إلى الأخذ به والإحسان إلى المسيء،


وسام الطيب
عضو ملكي
عضو ملكي

عدد المساهمات : 164
نقاط : 321
تاريخ التسجيل : 16/12/2010
العمر : 38
الموقع : الإمارات العربية المتحدة

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

إن ذلك لمن عزم الأمور  Empty رد: إن ذلك لمن عزم الأمور

مُساهمة من طرف وسام الطيب السبت ديسمبر 31, 2011 8:54 am

إن مجتمع المؤمنين لا تقوم المعاملة بين أفراده على المؤاخذة والمحاسبة والانتصار للذات والانتصاف لها في كل صغيرة وكبيرة، وإنما تقوم فيه المعاملة بين الأفراد على المسامحة والتغاضي والصفح والصبر، وهذا ما دعت إليه نصوص الإسلام، وحض عليه هديه العالي القويم:

{ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم} (فصلت: 34 - 35).

إن السيئة إذا قوبلت دائماً بالسيئة أوغرت الصدور، وأورثت الأحقاد، وأنبتت الضغائن. أما إذا قوبلت السيئة بالحسنة أطفأت أوار الغضب، وهدأت من فورة النفس، وغسلت أدران الضغينة، فإذا المتعاديان يصبحان صديقين حميمين، بكلمة طيبة، أو بسمة حانية من أحدهما، وإنه لفوز عظيم لمن دفع السيئة بالتي هي أحسن، لا يناله إلا ذو حظ عظيم، كما أشارت الآية الكريمة، بشيء من الصبر على السيئة التي ووجه بها، فصبر، وقابلها بالحسنة.

هذا هو خلق المؤمن في مجتمع المؤمنين، تضافرت الآيات الكريمة على تأصيله في نفوسهم، ومن ثم كانت تطلب من المؤمن في مثل هذه المواقف أن يكظم غيظه، ويعفو، ويصفح الصفح الجميل الذي لا يترك وراءه أثراً من حقد أو موجدة أو ضغينة.

{فاصفح الصفح الجميل} (الحجر: 85).

ولا تقل الأحاديث الشريفة عن الآيات الكريمة احتفالاً بهذا الخلق الإنساني النبيل، خلق العفو والتسامح، وحضاً على تأصيله في نفوس المسلمين، واصفة السلوك التطبيقي العالي لهذا الخلق الذي اتصف به رسول الله صلى الله عليه وسلم، قدوة المسلمين وإمامهم ومربيهم، داعية إلى الاقتداء به والسير على هداه:

فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط بيده، ولا امرأة ولا خادماً، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط، فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله تعالى، فينتقم لله تعالى" (رواه مسلم).

كان صلوات الله عليه يتمثل توجيه رب العزة له:

{خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين} (الاعراف: 199).

ويتمثل قوله تعالى:

{ادفع بالتي هي أحسن} (فصلت: 34).

فإذا هو آية فريدة من آيات الخلق الرباني، يسع الناس بخلقه العظيم، فلا يقابل إساءتهم بإساءة، بل يقابلها بخلق العفو والعرف والإعراض عن الجاهلين، ويدفعها بالتي هي أحسن:

"فعن أنس رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه جبذه شديدة، فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه، فضحك، ثم أمر له بعطاء" (متفق عليه).


وبلغ من أصالة خلق العفو وعمقه في نفسه الشريفة أنه عفا عن المرأة اليهودية التي أهدت إليه شاة مسمومة،

وذلك فيما رواه الشيخان وغيرهما أن امرأة يهودية أهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مسمومة، فأكل منها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكل رهط من أصحابه معه ثم قال لهم رسول الله: " أمسكوا فإنها مسمومة ". وجيء بالمرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها: "ما حملك على ما صنعت؟" قالت: أردت أن أعلم إن كنت نبياً فسيطلعك الله عليه، ولن تضرك. وإن لم تكن نبياً استرحنا منك. قالوا: ألا نقتلها؟ قال: "لا"، وعفا عنها.

ولما عصت دوس، وأبت الإذعان لأمر الله ورسوله، جاء الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن دوساً قد عصت وأبت، فادع الله عليهم، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلة ورفع يديه، فقال الناس: هلكوا. ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحيم الحاني السمح المشفق على العباد أن يمسهم عذاب الله راح يدعو لدوس قائلاً:

"اللهم اهد دوساً وائت بهم، اللهم اهد دوساً وائت بهم، اللهم اهد دوساً وائت بهم" (رواه الشيخان).

وكان صلوات الله عليه يغرس في نفوس المسلمين دوماً خلق العفو والتسامح، وإن قوبلوا بالصد والإعراض والقطيعة؛ إذ كان يدرك بثاقب نظرته التربوية التي زوده الله بها أن الناس يستجيبون بالخلق العالي السمح أكثر مما يستجيبون بالشدة والقطيعة والعنف، ومن ثم كان من هديه القويم لعقبة بن عامر حين قال: يا رسول الله، أخبرني بفواضل الأعمال، فقال:

"يا عقبة، صل من قطعك، وأعط من حرمك، وأعرض عمن ظلمك". وفي روايـة: "واعف عمن ظلمك" (رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد ثقات).

فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رحم الله رجلا سمحا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى" (رواه البخاري).

وعن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حوسب رجل ممن كان قبلكم، فلم يوجد له من الخير إلا أنه كان رجلا يخالط الناس، وكان موسرا، فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر. قال الله عز وجل: "فنحن أحق بذلك منه، فتجاوزوا عنه" (رواه مسلم).

ألا ما أثقل هذا الخلق في ميزان الإنسان! وما أحوج هذا الإنسان إليه يوم العرض الكبير وساعاته العصيبة الشداد!

" والعفو من أسماء الله تعالى وهو المتجاوز عن سيئات عباده ، الماحي لآثارها عنهم ، وهو يحب العفو ويحب أن يعفو عباده بعضهم عن بعض ، لما عرف العارفون جلاله خضعوا ، ولما سمع المذنبون بعفوه طمعوا ، ما ثمة إلا عفو الله أو النار ..

وإنما أمر بالعفو بعد الاجتهاد في الأعمال ؛ لأن العارفون يجتهدون ولا يرون لأنفسهم عملاً صالحاً ولا حالاً ولا مقالاً ....

قال يحي بن معاذ : ليس بعارف من لم يكن غاية أمله من الله العفو ...

وقل ساعدي يا نفس بالصبر ساعة

فـعـنـد اللـقـا ذا الكـد يصبح زائلاً

فما هي إلا ساعة ثم تنقضي

ويصبح ذا الأحزان فرحان جاذلاً

جعلنا الله وإياكم من أهل القبول ...


فكل منَّا مفتقر إلى عفو الله ورحمته وإحسانه إليه، والإنسان مهما سما به خلقه فإنه معرَّض إلى أن تعثر به قدمه، ولذا دعاؤنا دائماً (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)··

نرجو الله سبحانه أن يوفقنا لنشر المحبة والود والتعاون على البر والتقوى والتغلب على نزعات النفس والهوى والأخذ بأسمى الأخلاق حتى تسود هذه الروح الطيبة التي جمعتنا على غير أرحام بيننا ·

اللهم أنا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة ... رحماك ربنا

وسام الطيب
عضو ملكي
عضو ملكي

عدد المساهمات : 164
نقاط : 321
تاريخ التسجيل : 16/12/2010
العمر : 38
الموقع : الإمارات العربية المتحدة

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى